ويتكون العاملون بالأجر من ثلاثة مجموعات : مجموعة عمال التجهيزات الزراعية ومنهم من يقوم بتحضير الأرض للزراعة ( عمال المحاريت ) وتطهير قنوات الري لتسهيل وصول مياه الري للحواشات ( عمال الري ) وعمال السكك الحديدية الذين يرحلون القطن من محطات تجمعيه في الغيط إلي المحالج ، وعمال المحالج الذين توظفهم الدولة لحلج القطن واعداده للبيع ، ومجموعة عمال العمليات الزراعية الأخرى الذين جرت العادة علي تسميتهم بالعمال الزراعيين وتشمل هذه المجموعة عمال اللقيط وعمال القلع والكنس والنظافة والعمال الزراعيين الذين يستأجرهم المزارعون للعمل في الحواشات ؛ وعمال الرش التابعين للقطاع الخاص والذين يقومون برش المحاصيل بالمبيدات الحشرية والمبيدات الأخرى ، ويمثل هؤلاء جميعا حوالي 80% من مجمل القوى العاملة لمشروع الجزيرة ويساهمون بما مقداره 75% من العملية الإنتاجية بينما لا يحصلون إلا علي ما يزيد الا "قليلا" عن عشر عائداتها.
أما المزارعون فانهم لا يساهمون إلا بقدر متواضع في العملية الإنتاجية وفقا لحجم الحيازة ، خاصة ما يستثمر منها لزراعة القطن بمشروع الجزيرة وهنالك علي سبيل المثال 00 ففقراء المزارعين ومتوسطهم يبذلون جهودا متفاوتة في العملية الإنتاجية ، رغم أنها اقل نسبيا مقارنا بجهد العمال الزراعيين ، ويحصلون علي حصة ادني نسبيا من صافي العائد مقارنة بما يحصل عليه أغنياء المزارعين ، رغم انهم لا يبذلون أي جهد في العملية الإنتاجية.
ويمكن الاستنتاج مما تقدم بأنه لا وجود لعلاقة تصل يين توزيع عائد الإنتاج والجهد المبذول في العملية الإنتاجية .
وقد ظلت الدولة منذ الخمسينات وحتى بداية الثمانينات حريصة علي القيام بدورها كشريك في رأس المال ، وفي تحمل المسؤولية في مباشرة الإنتاج والإشراف عليه في عدد من العمليات الزراعية كالرى مثلا ، وكذلك المشاركة في ملكية الجزء الغالب من وسائل الإنتاج الرئيسية بالإضافة للمشاركة في اقتسام عائد الإنتاج بنسب محددة في مشروع الجزيرة وبقية المشاريع المروية التي قامت علي هديه من بعده ( باستثناء مشروع الرهد الزراعي).
شهد موسم 80/81 تنفيذ توصيات بعثة البنك الدولي لمشروع الجزيرة في النصف الأول من الستينات التي نادت بتطبيق الحساب الفردي وتأجير خدمات الأرض والرى ، ورهنت تنفيذ برنامج إعادة التعمير للمشروع بذلك التطبيق 0 وتبع تطبيق ذلك القرار وقف العمل بنظام الحساب المشترك الذي كان يعني المناصفة في تحمل أعباء تكاليف إنجاز العمليات الزراعية بين الحكومة والمزارعين ، وتحميل المزارعين كل التكاليف المتعلقة بإنجاز العمليات الزراعية من لحظة تحضير الأرض إلى لحظة تسليم القطن في المحطات ، وتخلي الحكومة والإدارة عن تحمل أي مسؤوليات مرتبطة بتكلفة إنجاز العمليات الزراعية المضمنة فيما سبق في بند الحساب المشترك ، استثناء العمليات الزراعية التي تنوب فيها الإدارة عن المزارع ؛ والاكتفاء بالتعامل مع المزارعين وفقا للحساب الفردي : فبعد أن ينتهي المزارع من تسليم القطن في المحطات ، حيث تتولى المؤسسة العامة لبيع القطن مسؤولية الشراء ، تقوم الدولة بخصم المنصرفات الفردية المتعلقة بالإنتاج التي تقوم بها الدولة نيابة عن المزارعين وكذلك السلفيات المقدمة لهم ؛ وما تبقي من جملة العائد يذهب للمزارعين.
واصبح دخل الحكومة والإدارة لا يمت بصلة للإنتاج ، وانما هو ناتج من بيع مياه الري للمزارعين عن كل المحاصيل بينما كان الري في الماضي بدون مقابل ولكل المحاصيل : وظلت ملكية الحكومة لوسائل الإنتاج الأساسية بما في ذلك تحمل إدارة مشروع الجزيرة مسؤولية إدارة وتشغيل شبكة الري الصغرى والمحالج والسكك الحديدية .... الخ كما هي .
وقد ساهم التقليل المتواصل من مسوؤلية الدولة في إدارة المشاريع المروية ومن خلال إلغاء الحساب المشترك وتخلى الدولة عن مسوؤلياتها المالية بعدم التزامها بمواجهة تكاليف مدخلات الإنتاج والمنصرفات عن العمليات الزراعية الأساسية وقلة المساهمة في أتناج محاصيل الدورة الزراعية الأخرى ( غير القطن) التابعة للمزارعيين وغياب الرقابة عليها في تعاظم دور القطاع الخاص في القيام بالعمليات الزراعية بالمشاريع المروية فبعد أن كانت مساهمة القطاع الخاص حتى نهاية عقد السبعينات لا تكاد تذكر ومحصورة فقط في تأجير العمال وقلة من اللواري التجارية لترحيل القطن وقلة من الجرارات للعمل في مجال الحرث الخفيف مع غياب كامل للحصادات وللرش بالطائرات بالمبيدات , كثر – بعد تطبيق نظام الحساب الفردي –عدد الجرارات التي تعمل تجاريا والتي يملكها أغنياء المزارعين وكبار التجار وكذلك ازداد حجم العربات التجارية التي تعمل في ترحيل القطن من الغيط إلى أماكن التجمع في المحطات 0 كذلك ظهرت الحاصدات الزراعية التي تحصد محصولي القمح والذرة.